هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول


 

 خروج

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
hassan

hassan


ذكر عدد المساهمات : 15
تاريخ الميلاد : 02/12/1988
تاريخ التسجيل : 20/03/2010
العمر : 35

خروج Empty
مُساهمةموضوع: خروج   خروج Icon_minitimeالخميس أبريل 15, 2010 2:56 pm

جلست في غرفتي التعيسة وحيدا _ محتجزا فيها لساعات, بل أظن أنها أيام. أو المرجح أنها بضع سنوات. لست أدري_ أستأنس بالكآبة و أستأنسها. أحاول النوم فتأبى عيناي أن تغمضان, أنهض من السرير و أتجه نحو المكتب, أفتح كتابا أقرأ بضع كلمات ثم أتيه في بحر من علامات الاستفهام. أضع الكتاب مكانه أو أظن أني رميته على الأرض. وقفت لبرهة أمام النافذة...لا نسيت غرفتي مثل التابوت لا تتوفر على نوافذ. كنت أوهم نفسي فقط بأن لدي نافذة تطل على الشارع العام. انها مجرد لوحة معلقة على الجدار, لوحة لا أعرف عنها شيئا سوى أنني كنت أقف أمامها يوميا متأملا محتوياتها. كانت تبدو لي في كل يوم بشكل مختلف. كل يوم كنت أكتشف فيها شيئا جديدا دون أن أفهم دلالاته.
زادت فجأة حدة كآبتي حتى أحسست بالاختناق, و ازداد الحاح شيء ما بداخلي على مطالبتي بالخروج. لم أكن أعلم سر ذلك الشعور الذي انتابني فجأة و راح يمارس علي سلطانه. لم أستطع تحمل اصراره, ارتديت معطفي تحسبا للتقلبات المناخية ثم غادرت الغرفة. لم أكن أعلم الى ما كانت تشير اليه الساعة حينها, ففي عالمي لا قيمة للوقت ولا مقياس محدد له.
نزلت الى الشارع, سرت في ركب من القامات يجرفني تيارها دون وجهة معلومة. بدأت كثافة ذّلك الركب تتناقص, وبدأت أشعر تدريجيا بنوع من الاستقلالية. وجوه كثيرة أصادفها في طريقي, معظمها مألوف لدي, غير أني لا أعرف عنها أكثر من ذلك. أحاول أن أبتسم لاحدى هذه الوجوه المألوفة لأتقرب منها و أحاول أن أعرف عنها المزيد, لكن ابتساماتي كانت تقابل عادة بعلامات تعجب تبدو على محيا المارة, بينما كان الباقون يتجاهلونها دون ابداء أدنى علامات التأثر.
بدأت أنسجم نوعا ما مع هذه السلوكات وشرعت أنقص من ابتساماتي البلهاء الى أن عدت الى كآبتي المعتادة. شيئا فشيئا و بينما أنا أسير في الردهة الطويلة كنت أحس بخطواتي تتسارع و أنا أقتحم بحر القامات أمامي, الذي ملئت به أرصفة الشارع. خطواتي تتسارع أكثر فأكثر, بدأت أحس بهذا التغيير المفاجئ. كلما ازدادت سرعتها أحسست بعيناي و كأنهما تودان أن تخرجا من مكانيهما وتسبقاني الى الأمام.شعرت بشيء قوي يجرهما من مكانيهما نحو الأمام. كنت جد متفاجئ لما يحدث معي. المفاجآت عادة ما تشعرني بالقلق و الخوف أجد نفسي لا تطيقها. حياتي, حياة الغرفة, كانت خالية تماما من المفاجئات, انها حياة هادئة ورتيبة. أحب الألفة التي تكسوها, ألفة تسلبني, تستهويني لكنها لا تحرمني من حرية الاختيار.
بدأت أأنس لحياة الخارج أحسست أن بوسعي الانسجام معها رغم نداء غرفتي الذي لا يزال يتردد في أرجاء صدري, أحسه و أضمه و أكاد أبكي عليه. أضحت خطواتي تتباطأ شيئا فشيئا و أحسست بعيناي تعودان لمكانيهما. بت أرى حياة الشارع بتمعن، أصبحت تتضح لي ملامح الناس و بذلاتهم، صارت معالم المدينة واضحة لدي. استمرت خطواتي بالتباطؤ حتى شعرت بالانهيار أو الاغماء ربما. لم أستطع تحديد ذلك الشعور، لقد أفقدني قواي حتى صرت أجر قدماي، لم أعد أقدر على رفعهما عن الأرض و لو بمقدار نصف انش.
كان الظلام يحوم حول المدينة، أضواء الانارة مضيئة. اتخذت لنفسي مكانا جلست فيه لأستريح و استغليت الفرصة لمراقبة الحياة في المدينة. وجوه تذهب ، وتأتي أخرى، المكان لا يهدأ عن الحركة. الكل يتحرك، الكل يمشي في جميع الاتجاهات. لازلت جالسا مكاني أراقب، راقني المشهد. كان هناك أيضا أناس آخرون جالسون، يثرثون وتتعالى ضحكاتهم. كان معظمهم وجوه شابة مفعمة بالحياة.
جلست قبالتي فتاة فاتنة الجمال، أظن أنها في السابعة أو الثامنة عشر من العمر، كانت آية في الجمال، هيئتها تنم عن رقيها، تسريحة شعر فريدة تليق بشعر حريري كذاك الذي تملكه، نسمات الريح الآتية من جهة الشمال تلاعب بضع خصلات أبت أن تنضم للتصفيفة، وفضلت أن تتدلى على عينها اليسرى. وشاح وردي ملتف حول عنقها الرقيق، شعرت بالاختناق و أنا مركز بصري عليه، لكن يبدو أنها مرتاحة له، كان متناسقا مع جلبابها الأحمر الذي كان يجمع قوامها مشكلا منه لوحة فنية رائعة.
كنت ألمحها بين الفينة و الأخرى بنظرة سريعة و شاملة. أسترق البصر و أمعن النظر في عينيها البلوريتين ذات اللون الأسود الداكن، تزيدهما جمالا رموشها السوداء الطويلة، أحس بوخزة قوية في قلبي كلما نظرت في عينيها. كانت هي الأخرى قد لاحظت اهتمامي بها، رغم أني كنت حريصا على عدم اثارة انتباهها. كانت تسترق النظر وتفحصني بنظرة من الأسفل الى الأعلى ثم من الأعلى نحو الأسفل، كانت تقوم بحركات عينيها بدهاء كبير يوحي على مكر خفي. التقت فجأة عيناي بعيناها السودوان، بقينا لبرهة نتواصل بلغة الأعين، ابتسمت ابتسامة صغيرة، بدت أولا في عينيها، ثم رسمت على ثغرها الصغير، بدا لي أنها تخفي وراءها الكثير. ابتسمت بدوري ابتسامة عريضة تحيل على البراءة. أخفضت بصرها وعلامات الخجل بادية على محياها. صرفت بدوري بصري و رحت أراقب المارة، و قد نال مني الخجل أكثر منها.
دق قلبي بقوة فجأة و تسارعت نبضاته، لم أكن أعلم سر ذلك التغيير الطارئ. تساءلت مع نفسي اذا م كان بسبب الفتاة التي أمامي أم بسبب شيء آخر. راجت في داخلي أفكار كثيرة و غريبة، توقفت عن التنفس لبرهة أتنصت لشيء ما بداخلي يهمس بعبارات متناقضة ومبهمة في الغالب. بدأت تتقاذفني مشاعر مختلفة، حنين الى الغرفة، نداء من المدينة وناسها، و اعجاب بفتاة الوشاح. توقف الزمن في وجداني و تسمر بصري، شعور غريب يموج في باطني. رغبت في العودة الى الغرفة، لكن في الوقت ذاته وددت الاقتراب من تلك الفتاة و التحدث معها. بين هذا المد والجزر كانت الفتاة قد اختفت. نهضت مسرعا و مرعوبا، جلت ببصري في الأرجاء من حولي في محاولة يائسة للبحث عنها، لكن دون جدوى. بدا لي المكان موحشا، لم يعد هناك الا أنا و بضع أقدام تهرول مسرعة و مضطربة. عدت من حيث أتيت أجر أذيال الخيبة، ألعن حياة المدينة و يزداد شوقي و حنيني لغرفتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير العام

المدير العام


ذكر عدد المساهمات : 141
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
تاريخ التسجيل : 01/08/2009
العمر : 36
الموقع : www.kelaa.yoo7.com

خروج Empty
مُساهمةموضوع: رد: خروج   خروج Icon_minitimeالجمعة أبريل 16, 2010 1:16 pm

يال الروعة . شكرا لك . لي عودة للتعليق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kelaa.yoo7.com
 
خروج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: قسم الآداب الــفــكــر والـــثــقـــافـــة :: رحاب القصص والروايات-
انتقل الى: